في معْنى (كَلِمَةً بَاقِيَةً} الوَاردةِ في سُورةِ الزُّخْرُف.. من تفسير الإمامِ الطّبريّ



بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله، أمَّا بعدُ:
• فقدْ قالَ سُبحانَهُ في سُورةِ "الزُّخْرُف":
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26)}{إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)}
{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}.

- جاءَ في تفسير: "جامع البيان عن تأويل آيِ القرآن" **، للإمامِ الطّبريّ، رحمَهُ اللهُ:
• "يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجَعَلَ قَوْلَهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}، وَهُوَ قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ، وَهُمْ ذُرِّيَّتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ.

 • وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَلِمَةِ الَّتِي جَعَلَهَا خَلِيلُ الرَّحْمَنِ (بَاقِيَةً فِي عَقِبِه):
- عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».
- عن قتادة:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً}، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالتَّوْحِيدُ لَمْ يَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مِنْ يَقُولُهَا مِنْ بَعْدِهِ».
- عَنْ قَتَادَةَ {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قَالَ: «التَّوْحِيدُ وَالْإِخْلَاصُ، وَلَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يُوَحِّدُ اللهَ وَيعْبُدُهُ».
- عَنِ السُّدِّيِّ، {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».

 • وَقَالَ آخَرُونَ: الْكَلِمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي عَقِبِهِ: اسْمُ (الْإِسْلَامِ).
- قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قالَ: [الإسْلَام]
وقَرَأَ: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[البقرة: 131]،
قَالَ: «جَعَلَ هَذِهِ [كَلِمَةً] بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» وقَالَ: «الْإِسْلَامُ»،
وَقَرَأَ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78]
وَقَرَأَ {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: 128]" انتهى باختصار.
** (23/ 638-641)، ط1، تحقيق حسن أبو الخير، وعبد الله بن فضل الله، وغيرهما، دار ابن الجوزيّ،  القاهرة.