المُؤْمنُ في الدُّنْيا كَالغَريب


بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

• "وقالَ الحسَنُ:
المُؤْمنُ -في الدُّنْيا- كَالغَريب
لَا يجزَعُ من ذُلِّها،
ولَا يُنَافِسُ في عِزِّها،
لهُ شَأْنٌ، 
وللنَّاسِ شَأْن" اهـ‍.*
‍*"كشف الكُربة في وصف أهلِ الغُربة" ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب،
(1/327)، ط2، 1424هـ،‍ ت: طلعت الحلواني، الفاروق الحديثة للطّباعة والنّشر.

الآية 51، من سورة الأعراف



{الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}
[الأعراف: 51]

في تفسير الآية 35، من سورة النّساء



بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم

قولُه تعالى:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)[النّساء: 35]

قالَ العلَّامةُ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ- في: "تيسير الكريم الرَّحمن في تفسير كلام المنّان":
أيْ: وإنْ خِفتمُ الشِّقاقَ بين الزَّوجينِ، والمباعدَةَ، والمجانَبةَ؛ حتَّى يكونَ كلٌّ منهُما في شِقٍّ: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}؛ أيْ:
- رَجُلَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ، مُسْلِمَيْن، عَدْلَيْنِ، عَاقِلَيْنِ،
- يعرفانِ ما بينَ الزَّوجَيْنِ،
- ويعرفانِ الجمْعَ والتَّفريقَ.
وهذَا مُستفادٌ منْ لفظِ: (الحُكْمِ)؛ 
لأنَّهُ لَا يصلُحُ (حَكَمًا)؛ إلَّا منِ اتَّصفَ بتلكَ الصِّفات.
فينْظُرانِ ما ينقِمُ كلٌّ منهُما على صاحبِهِ،
ثُمَّ: يُلْزِمَان كُلًّا منهُما ما يجِبُ.
فإنْ لمْ يستطِعْ أحدُهما ذَلكَ؛ قَنَّعَا الزَّوجَ الآخَرَ بالرِّضَا بما تيسَّرَ منَ الرِّزْقِ والخُلُقِ.
ومهْمَا أمكنَهُما الجمعَ والإصْلَاحَ؛ فلَا يعْدِلَا عنْه.
فإنْ وصلتِ الحالُ إلى أنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجتماعُهُما وإصْلَاحُهُما إلَّا على وجْهِ المعاداةِ والمقاطعةِ ومعصيةِ اللهِ،
ورَأَيَا أنَّ (التَّفريقَ) بينهُما أصْلَحُ؛ فرَّقَا بينهُما.
ولَا يُشْتَرَطُ رضَا الزَّوجِ،؛ كما يدلُّ عليهِ أنَّ اللهَ سمَّاهُمَا (حَكَمَيْنِ)،
و(الحَكَمُ) يحكُمُ ولو لمْ يرْضَ المحكومُ عليهِ،
ولهذَا قالَ: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا}
أيْ: بسببِ الرَّأيِ الميمونِ، والكلَامِ الذي يجذبُ القلوبَ، ويؤلِّفُ بين القَرِيْنَيْنِ" انتهى.
**(ص: 177)، ط4 (1426هـ‍)، تحقيق: عبد الرَّحمن اللّويحق، مؤسَّسة الرّسالة، بيروت.

في معْنى (كَلِمَةً بَاقِيَةً} الوَاردةِ في سُورةِ الزُّخْرُف.. من تفسير الإمامِ الطّبريّ



بسمِ اللهِ الرّحمن الرّحيم

الحمدُ للهِ، والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله، أمَّا بعدُ:
• فقدْ قالَ سُبحانَهُ في سُورةِ "الزُّخْرُف":
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26)}{إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27)}
{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)}.

- جاءَ في تفسير: "جامع البيان عن تأويل آيِ القرآن" **، للإمامِ الطّبريّ، رحمَهُ اللهُ:
• "يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجَعَلَ قَوْلَهُ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}، وَهُوَ قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ، وَهُمْ ذُرِّيَّتُهُ، فَلَمْ يَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ.

 • وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَلِمَةِ الَّتِي جَعَلَهَا خَلِيلُ الرَّحْمَنِ (بَاقِيَةً فِي عَقِبِه):
- عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».
- عن قتادة:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً}، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالتَّوْحِيدُ لَمْ يَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مِنْ يَقُولُهَا مِنْ بَعْدِهِ».
- عَنْ قَتَادَةَ {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ، قَالَ: «التَّوْحِيدُ وَالْإِخْلَاصُ، وَلَا يَزَالُ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يُوَحِّدُ اللهَ وَيعْبُدُهُ».
- عَنِ السُّدِّيِّ، {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».

 • وَقَالَ آخَرُونَ: الْكَلِمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي عَقِبِهِ: اسْمُ (الْإِسْلَامِ).
- قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، قالَ: [الإسْلَام]
وقَرَأَ: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[البقرة: 131]،
قَالَ: «جَعَلَ هَذِهِ [كَلِمَةً] بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» وقَالَ: «الْإِسْلَامُ»،
وَقَرَأَ: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78]
وَقَرَأَ {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: 128]" انتهى باختصار.
** (23/ 638-641)، ط1، تحقيق حسن أبو الخير، وعبد الله بن فضل الله، وغيرهما، دار ابن الجوزيّ،  القاهرة.