من اصْطِلَاحاتِ ضَبْطِ المصْحَفِ بِرِوايةِ ورشٍ ممَّا جرَى عَليهِ العَمَلُ عنْدَ المغَارِبَة (طَبعة مُجَمَّع الـمَلِكِ فهدٍ بنِ عبدِ العزيزِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-)



من اصْطِلَاحاتِ ضَبْطِ المصْحَفِ بِرِوايةِ ورشٍ ممَّا جرَى عَليهِ العَمَلُ عنْدَ المغَارِبَة   
(طَبعةُ مُجَمَّع الـمَلِكِ فهدٍ بنِ عبدِ العزيزِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-)

بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:
فَمِنْ مُصْطَلَحاتِ ضَبْطِ روايةِ (ورشٍ عنْ نافعٍ من طريقِ الأزرق)، ماجاءَ في مُصْحَفِ هَذِهِ الرِّوايةِ، والمطبوعِ في مُجَمَّع الملكِ فهدٍ بنِ عبدِ العزيزِ -رحمَهُ اللهُ تعالى- لطباعةِ المصْحفِ الشَّريف في مدينةِ طَيبةَ -حفِظَها اللهُ تعالى-.
وخلَالَ الِاطِّلَاعِ على تلْكُمُ المُصْطَلَحاتِ نَجِدُ جملةً تكرَّرَتْ عندَ توضيحِ الرُّمُوزِ التي تَضْبِطُ بعْضَ أحكَامِ تلْكَ الرِّوايةِ؛ ألَا وهي: 
(ممَّا جرَى عَليهِ العَمَلُ عنْدَ المغاربةِ).
ولمَّا وجدتُّ في تلكَ الجملةِ (الدّقيقةِ):
- تَنْبيهًا للقارئِ بتلْكَ الرّوايةِ، وتحفيزًا  لَهُ لمعرفةِ ما جرَى عَليهِ العَمَلُ عنْدَ المغاربةِ عندَ ضبطِ المصحَفِ بتلكَ الرِّوايةِ؛ ممَّا فيهِ اخْتِلَافٌ جليٌّ عَن ضَبْطِ مُصْحفِ (حَفْص).
- وإعانةً لَهُ على إتقانِ تلكَ الرِّواية.
رأيتُ أنْ أنقُلَ -في هذا الموضوعِ- منَ الصّفحةِ (ج-ح)، بعضَ تلكَ الِاصطلاحاتِ؛ فنكونَ بها على درايةٍ، منوِّهَةً إلى أمرين:
الأوّلُ: أنّي نقلتُ تلكَ الِاصطِلَاحاتِ مع بعضِ التّصَرُّفِ؛ منِ اختصارٍ للمعلوماتِ، وترتيبٍ، وإضافاتٍ يسيرةٍ، وذلكَ لتقريبِها للمُبتَدئين في دراسةِ هذهِ الرّواية.
الثّاني: أنَّ بعضَ إشاراتِ الضَّبطِ لا يمكنُني رسْمَها هُنا أو كتابةَ أمثلَةٍ لها؛ كما جاءَ رسمُها في المُصحف؛ لتعذُّرِ وجودِ أشكالِها أو تقنيَّتِها في لوحةِ الحاسوبِ.
سائلةً اللهَ أن يُعَلِّمنا ما ينْفَعُنا.

منِ اصْطِلَاحاتِ ضَبْطِ المصحفِ بِرِوايَةِ وَرْشٍ
ممَّا جرَى عَليهِ العَمَلُ عنْدَ المغاربةِ

1) تنقيطُ حرفِ (الفاء) وحَرفِ (القافِ):
الفاء: نقطةٌ واحدةٌ تحتَه.
القاف: نقطةٌ واحدةٌ فوقَه.
وذلكَ تفريقُ المغاربةِ بين هذينِ الحرفَين.
قالَ أبو عَمْروٍ الدّانيِ - رحمَهُ اللهُ-:
"(أهل الْمشرق) يُنَقِّطونَ الفَاء بِوَاحِدَة من فَوْقهَا، وَالقَافَ بِاثْنَيْنِ من فَوْقهَا.
وَ(أهل الْمغرب) يُنَقِّطونَ الفَاءَ بِوَاحِدَة من تحتهَا، وَالقَافَ بِوَاحِدَة من فَوْقهَا
وَكلُّهمْ أَرَادَ الفَرقَ بَينهمَا بِذَلك".اهـ‍ "المحكم في نقط المصاحف"، (ص: 37).

2) تنقيطُ الأحرفِ الأربعةِ المجموعةِ في كلمةِ (ينفق)، إذا كانتْ متطرِّفًةً:
وهي: (الياء، النّون، الفاء، القاف)، رُسِمَت جميعُها من غيرِ تَنْقيطٍ، وذلِكَ إذا جاءَتْ آخرَ الكلمة.

3) الضَّمة:
علَامتُها: واوٌ صغيرةٌ حُذِفَ رأسُها، تُشبهُ حرْفَ الدَّال، تقريبًا هكذا: [د]

4) ضبطُ كلمة (اللاتي) -الاسم الموصول الدَّالِّ على جمع المؤنَّث-:
ضُبِطَت بـ:
- عدمِ وضعِ الشَّدَّةِ على اللَّام.
- وعدمِ وضعِ ألفٍ بعدَ اللّام.
وتُنطقُ (اللَّاتي).

5) ضبطُ تشكيلِ كلمةُ (بأيَيْد)، في الآية رقم (47) من سورة "الذَّاريات":
{وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بأيَيْد وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}
-  الياء الأولى: تُنطقُ ساكنةً
وعلَامَتُها: وضعُ جرَّةٍ فوقَها، إشارةً إلى أنَّها ساكنةٌ.
- والثّانية: لَا تُنطَق.
وعلَامَتُها: علَامةُ الحرفِ الذي لَا يُنطَق، تقريبًا هكذا: [5]
وإنَّما جُعِلَ رمزُ الياءِ الأولَى (الجرَّة التي تُشبهُ الفتْحةِ، وهي ليستْ بفتْحة) لشبْهِ علامةِ الحرفِ السَّاكنِ المنطوقِ، بعلامةِ الحرفِ الذي لَا يُنطقُ، ففرَّقوا بين الياءِ الأوْلى السّاكنةِ المنطُوقة، وبينَ الياءِ الثّانيةِ غيرِ المنطُوقَة، بعلامةِ الجرَّة في الياءِ الأُوْلى.
فلَا نَظُنُّ أنَّ الياءَ الأولى متحرِّكةٌ؛ بل هي ساكنةٌ.
وهذا الضَّبطُ هو نفْسُهُ في مُصْحفِ روايةِ (قالُون)، في طَبْعَةِ الجماهيريّةِ اللّيبيّة.
الخلاصةُ في نُطقِ هذهِ الكلمة:
- الياءُ الأولى: تُنطقُ ساكنةً، ودُلَّ على ذلكَ برمزِ الجرَّة.
- الياءُ الثّانية: لَا تُنطقُ، ودُلَّ على ذلكَ برمزٍ يُشْبِهُ تمامًا رمزَ السُّكون.

6) التَّقليل -أو ما يُسمَّى بـ (الإمالةِ الصُّغرى)-:
علامتُه: نقطةٌ كبيرةٌ مطموسةُ الوسطِ [•] توضعُ تحتَ الحرفِ الذي يسبق الحرفِ المقلَّلِ.
مثلًا: (فأحيَا)، توضعُ النّقطةُ تحتَ (الياء)، فتُقلَّلُ فتحةُ الياءِ وبالتّالي تُقلَّلُ الألفُ التي بعدها.
ومثلُها علامةُ (الإمالةُ الكُبرى)، ولكنَّ الكبرى في رواية ورشٍ من طريقِ الأزرقِ لَا توجدُ إلَّا في موضعٍ واحدٍ فقطْ، في فتحةِ الهاءِ وبالتّالي الألِفُ منْ كلمةِ: (طَهَ).

7) النَّقْل:
علَامتُهُ: وضعُ جرَّةٍ، هكذا تقريبًا-: [-] محلَّ الهمزةِ المحذوفةِ، ونقْلُ حَرَكَتِها إلى السَّاكنِ الذي قبْلَها.
1- فإذا كانَتِ الهمزةُ مفتوحةً (أَ)؛ وضِعَتِ الجرَّةُ فوقَ (ا)، ووُضِعَت فتحةٌ على الحرفِ الذي قبْلَها.
2-  وإذا كانَتِ الهمزةُ مضمومَةً (أُ)؛ وضِعَتِ الجرَّةُ وسطَ (ا)، ووُضِعَتْ ضمَّةٌ على الحرفِ الذي قبْلَها.
3-  وإذا كانَتِ الهمزةُ مكسورةً (إِ)؛ وضِعَت الجرَّةُ تحتَ (ا)، ووُضِعَتْ كسرةٌ على الحرفِ الذي قبْلَها.
4- فإن لم يكنْ للهمزةِ صورةً؛ أي لمْ تكنْ مرسومةً على (ا)، وضِعَتِ الجرَّةُ على السَّطْرِ، ووُضِعَتْ حَرَكَتُها على الحرفِ الذي قبْلَها.
مثلًا: {مَنْ ءامَنَ}، ضُبِطَتْ هكذا تقريبًا: {مَنَ _امَنَ}.

8) تسهيلُ الهمزةِ:
 علَامتُهُ: نقطةٌ كبيرةٌ مطموسةُ الوسطِ [•] مكانَ الهَمْزَةِ، ومن غيرِ حركَةٍ:
- فإنْ كانَتِ الهمزةُ المسهَّلةُ مفتوحةً؛ رُسِمَتْ [•] فوقَ (ا)
- وإنْ كانَتِ الهمزةُ المسهَّلةُ مضمومةً؛ رُسِمَتْ [•] وسطَ (ا)
-وإنْ كانَتِ الهمزةُ المسهَّلةُ مكسورةً؛ رُسِمَتْ [•] تحتَ (ا).

9) إبدالُ الهمزةِ حرْفًا مُتحرِّكًا:
علَامتُهُ: نقطةٌ كبيرةٌ مطموسةُ الوسطِ [•] مكانَ الهَمْزَةِ، معَ بقاءِ حرَكَةِ الهمزةِ.
مثال: (لِئلَّا)، وُضِعَتْ [•] مكانَ الهمزةِ مع فتحةٍ فوقها، إشارةً إلى أن الهمزةَ تُبدلُ ياءً؛ فتُنطقُ: (ليَلَّا).

10) حركةُ همزةِ الوصلِ عندَ الِابتداء:
علَامتُهُ: نقطةٌ مستديرةٌ مطموسةُ الوسطِ [•]:
- فإنْ رأينا [•] قد وُضِعَتْ فوقَ (ا)؛ فنبدأُ بهمزةِ الوصلِ (مفتوحةً).
- وإنْ رأينا [•] قد وُضِعَتْ وسطَ (ا)؛ فنبدأُ بهمزةِ الوصلِ (مضمومةً)
- وإنْ رأينا [•] قد وُضِعَتْ تحتَ (ا)؛ فنبدأُ بهمزةِ الوصلِ (مكسورةً).

فتلكَ كانتْ إشارةٌ مُختصَرَةٌ إلى تلكَ المصطلحاتِ عندَ المغاربة
ولمعرِفَةِ المزيدِ منها، حبَّذَا العودةُ إلى بسْطِها في مظانِّها
وأوَّلُها وعلى رأْسِها: المصحفُ الشَّريفُ الذي نقلتُ منْه.
وذلكَ لرؤيَةِ تلكَ المصْطَلَحاتِ في الآياتِ الكريمةِ، فتألفُها العينُ  يومًا بعدَ يومٍ، وبالتّالي، تفهَمُ مدلولَ تلكَ الرُّموز، حالَ التِّلَاوةِ، بتوفيقهِ سبحانَهُ وحدَهُ.
سُبحانَكَ لَا عِلْمَ لنا إلَّا ما علَّمْتَنا إنَّكَ أنتَ العليمُ الحكيم.
وصلِّ اللَّهُمَّ على محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحْبِهِ وسلَّم.
كتَبَتْهُ: حَسَّانةُ بنتُ محمَّدٍ ناصرِ الدّينِ بنِ نوحٍ الألبانيّ
الثّلاثاء 29 صفر 1438هـ‍

سَبَبُ نُزولِ الآيةِ (64) من سُورَة مَرْيم



بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

• قالَ ربُّنا -تباركَ وتعالى- في سورةِ "مريم":
{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]

في "صحيح البُخاريّ"، كتاب التَّوحيد، بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ} [الصَّافات: 171]، (7455):
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
((يَا جِبْرِيلُ! مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟))
فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ: كَانَ هَذَا الجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.