الخَلطُ بين (الضَّادِ) و(الظَّاءِ)! وتدريبٌ مقترَحٌ، عبرَ متن الجزريّة




الخَلطُ بين (الضَّادِ) و(الظَّاءِ)!
وتدريبٌ مقترَحٌ
(تجويد)

بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ الرَّحِيم...
إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ...
من يهدِهِ اللهُ فلَا مضلَّ لهُ، ومن يُضللْ فلَا هاديَ لهُ
وأشهدُ أنْ لَا إلَٰهَ إلَّا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبْدُهُ ورسولُهُ أمَّا بعدُ...

• منَ الأخطَاءِ الشَّائعةِ في (القراءةِ) عمومًا، و(تلاوةِ القرآنِ الكريمِ) خصوصًا؛ بلْ وفي الكتابةِ أيضًا، خلطُ (الضَّادِ) بـ (الظّاءِ)، وخلْطُ (الظّاءِ) بـ (الضّادِ)، مثل:
(ولا الضّالين) تُقرأُ خطأً:  (ولا الظَّالين)!
أو : تُقرأ (ظَلَّ): (ضلَّ)!
وجليٌّ -كما الشّمسِ- تغيُّرُ المعنى، بل وقبحهُ!

• ومن بابِ التّدريب للتّخلُّصِ من هذا الخلطِ، يحسنُ بنا أنْ نفتحَ (متن الجزريّة)؛ للإمامِ ابنِ الجزريِّ -رحمهُ اللهُ تعالى- بابُ (الضّادِ والظّاء).
هذا البابُ، ماذا أفادَنا فيه الإمام -رحمهُ اللهُ-؟
1) حَصَرَ جميعَ الكلمات التي تُنطقُ ب (الظّاءِ)، في القرآنِ الكريم، وسرَدَها الواحدَةَ تلوَ الأخرى!
2) ثمَّ أتى ببعض الكلماتِ التي تجاورتْ فيها (الضّاد والظّاء)؛ قائلًا للقارئِ: انتبهْ عند قراءتِكَ لها؛ فميزها وبيّنها، ولا تمزجْ بينها؛ فلكلٍّ منهما مخرجٌ مستقلٌّ، وصفةٌ مستقلّةٌ!

• وعليهِ، وجدتُ -والله تعالى أعلم- أن يبدأَ (الحريصُ المجتهدُ) بتحسينِ نُطقِهِ، من خلالِ قراءتِهِ لهذا البابِ، وأحسبُ أنَّهُ لدى قراءتِهِ لهُ:
1) سيقفُ على مدى خلطهِ من عدمهِ!
2) سيدركُ عدم حسنِ تحويلِهِ وتبديلهِ للمخارجِ، لتحوّلِ المعاني!
3) سيسعى -بعونه تعالى- للوصولِ لإتقانِ تلاوتِهِ؛ فضلًا عن قراءتِهِ عمومًا.

• وأُوردُ البابَ -المقصودَ- بكاملِهِ:
1- وَالضَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادَ بِاسْتِطَالَـــــــــــــــــــــــــةٍ وَمَخْرَجِ ... مَيِّزْ مِنَ الظَّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاءِ وَكُلُّهَا تَجِي!
2- فِي الظَّعْنِ ظِلُّ الظُّهْرِ عُظْمُ الْحِفْظِ ... أَيْقَظْ وَأَنْظِرْ عَظْمَ ظَهْرِ اللَّفْظِ!
3- ظَاهِرْ لَـــــــــــــــــــــــظَى شُوَاظُ كَـــــــــــــظْمٍ ظَلَمَا ... اُغْلُظْ ظَلامَ ظُفْرٍ انْتَـــــــــــــــظِرْ ظَمَا!
4-أَظْفَرَ ظَنًّا كَيْفَ جَا وَعِــــــــــــــــــــظْ سِوَى ... عِضِينَ ظَلَّ النَّحْلِ زُخْرُفٍ سَوَا!
5- وَظَلْــــــــــــــــــتَ ظَلْتُــــــــــــمْ وَبِــــــــــــــــــــــــــــــــــرُومٍ ظَلُّــوا ... كَالْحِجْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِ ظَلَّتْ شُعَرَا نَظَلُّ!
6- يَظْلَلْنَ مَحْظُورًا مَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعَ المُحْتَظِر ... وَكُنْتَ فَظًّا وَجَمِيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعَ النَّظَرِ!
7- إِلاَّ بِوَيْلٌ هَــــــــــــــــــــــلْ وَأَوْلَى نَاضِـــــــــــــــــــــــــــــرَهْ ... وَالْغَيْظُ لاَ الرَّعْــــدُ وَهُودٌ قَاصِرَهْ!
8- وَالْحَظُّ لاَ الْحَــــــــــــــــــضُّ عَلَى الطَّعَامِ ... وَفي ظَنِينٍ الْخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاَفُ سَامِي!
 9- وَإِنْ تَلاَقَيَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا البَيَــــــــــــــــــــــــــانُ لاَزِمُ ... أَنْقَضَ ظَهْرَكَ يَعَــــــــــــــــــــضُّ الظَّالِمُ!
10- وَاضْطُرَّ مَعْ وَعَظْتَ مَـــــــــــــــــعْ أَفَضْتُمُ ... وَصَفِّ هَا جِبَاهُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُمْ عَلَيْهِمُ!
انتهتْ الأبيات، وعددها: (10).

• التّدريبُ المقترحُ:
- قراءةُ الأبياتِ (العشرةِ) من أوَّلِهَا إلى آخرِهَا؛ سردًا، بيتًا وراءَ الآخرِ
- تسجيلُ هذه القراءةِ.
- سماعُها!
- ومن ثمَّ إن وَجدَ (المتدرِّبُ) أنَّهُ نطقَ (الظّاءَ) ظَاءً، و(الضّادَ) ضادًا، ولم يخلطْها، فيُرجى أنه وفَّقَهُ اللهُ للصّوابِ!
وإلَّا؛ فعليهِ تكرارُها حتى يستقيمَ لسانُهُ بنطقِها.
سيكونُ في التدريبِ مشقّة في البدايةِ، ثمَّ يصيرُ نافعًا بالوصولِ إلى  طلاقةٍ في اللّسانِ، بعونِهِ تعالى.

• ونبيِّنُ الخللَ في النّطقِ، المؤدّي للخلَلِ في المعنى، في هذا المثالِ:
البيتُ الثّاني هو:
2- فِي الظَّعْنِ ظِلُّ الظُّهْرِ عُظْمُ الْحِفْظِ ... أَيْقَظْ وَأَنْظِرْ عَظْمَ ظَهْرِ اللَّفْظِ!
هلْ يستقيمُ (نطقًا) و(معنًى)! أن ينطقَهُ أحدُنا هكذا:
- فِي الضَّعْنِ ضِلُّ الضُّهْرِ عُضْمُ الْحِفْضِ ... أَيْقَضْ وَأنْضِرْ عَضْمَ ضَهْرِ اللَّفْضِ ؟!!
الجواب واضحٌ لا شكّ!
فإذا كان هذا مستهجَنًا في قراءةِ وكتابةِ (بيتٍ شعريٍّ)؛ فكيف الحالُ في تلاوتِنا للقرآنِ الكريمِ!!

مثالٌ آخرُ يتّضح فيه هذا الخطاُ (المزج بين الحرفين)؛ نظرًا لتجاورِهما:
البيت رقم: (9):
9- وَإِنْ تَلاَقَيَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا البَيَــــــــــــــــــــــــــانُ لاَزِمُ ... أَنْقَضَ ظَهْرَكَ يَعَــــــــــــــــــــضُّ الظَّالِمُ!
هل يصحُّ أن نقرأَهُ على الوجهِ التّالي:
- وَإِنْ تَلاَقَيَا البَيَانُ لاَزِمُ ... أَنْقَظَ ظَهْرَكَ يَعَظُّ الظَّالِمُ ..؟!
أو:
- وَإِنْ تَلاَقَيَا البَيَانُ لاَزِمُ ... أَنْقَظَ ضَهْرَكَ يَعَظُّ الضَّالِمُ ..؟!
وأينَ البيانُ الذي حثَّ عليهِ النّاظمُ -رحمهُ اللهُ-؟

• إذًا: فلنحاولِ:
- النّطقَ الصّحيح للحرفين (الضّادِ) و(الظَّاءِ)، وتمييزَ مخرجيهما، وصفاتهما -كما علَّمَنَا النَاظمُ، رحمهُ اللهُ- .
-  ومعرفةَ الكلماتِ التي تُنطقُ بهما، لنجيدَهما تلاوةً وكتابةً!
تلك كانتْ محاولةٌ جرَّبتُها في تدريسِي لإحدَى الفتياتِ، وقدِ اتَّضَحَ لها جليًّا عندَ حفظِها وسرْدِهَا للأبياتِ كمْ ينبغي لها أن تركّزِ في نطقِها؛ ليتميّزَ الحرفانِ عنْ بعضِهما.

• وهذا التّدريبُ؛ من بابِ الأخذِ بسببٍ من أسبابِ التّصحيحِ؛ وإلَّا فالدُّربَةُ تأخذُ شوطًا، ومن ثمراتِها: تقويمُ اللّسانِ في تلاوةِ القرآنِ الكريمِ!

واللهُ الموفِّقُ لنا جميعًا.
والحمدُ للهِ أوًّلًا وآخرًا.
وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمّدٍ وآلِهِ وسلَّمْ.
كتبتْهُ: حسّانة بنت محمّد ناصر الدّين الألبانيّ.
الثّلاثاء: 29/ جمادى الثّانية/ 1435هـ

الآية 217، من سورة الشّعراء: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}



قالَ تعالىٰ:
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} [الشعراء : 217]

• تفسير العلامة السّعديّ -رحمهُ اللهُ-:
"و(التوكُّلُ) هوَ:
اعتمادُ القلْبِ على اللهِ تعالى، في جلْبِ المنافعِ، ودفع المضارِّ!
مع ثقتِهِ بهِ!
وحسنِ ظنِّهِ بحصولِ مطلوبهِ!
فإنه عزيزٌ رحيمٌ!
بـ (عزَّتِهِ)؛ يقْدِر ُعلى إيصالِ الخيرِ، ودفعِ الشَّرِّ عَنْ عبدِهِ!
وبـ (رحمتِهِ بِهِ)؛ يفعلُ ذلكَ"! اهـ‍