ممّا وردَ في التّرغيبِ في الزُّهْدِ!


بسمِ اللهِ، والحمدُ للهِ؛ والصّلاة ُوالسّلامُ على رسولِ اللهِ؛ أمّا بعدُ:

فمنَ الآثارِ الواردة ِفي التّرغيبِ في (الزّهدِ):

ما جاءَ عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهمَا؛ أنّه قالَ:

(لا يصيبُ عبدٌ مِنَ الدُّنيَا شيئًا إلاَّ نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللهِ؛ وإنْ كانَ عَلَيهِ كرِيمًا)! (1)

وليتضّح لنا مدلولُ هذا الأثرِ؛ نقفُ على بعضِ أقوالِ الرّاسخين َفي العلمِ:

¡ قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ:

"والمقتصد منهم؛ أخذَ الدُّنيا مِنْ وجوهها المباحَةِ، وأدَّى واجباتها، وأمسك لنفسه الزَّائِدَ على الواجب، يتوسَّعُ به في التمتُّع بشهواتِ الدُّنيا، وهؤلاءِ قدِ اختُلف في دخولهم في اسم (الزَّهادَةِ) في الدُّنيا كما سبق ذكره، ولا عقاب عليهم في ذلك؛ إلاَّ أنَّه ينقصُ من درجاتهم من الآخرة بقدر توسُّعهم في الدُّنيا! قال ابن عمر:

(لا يصيبُ عبدٌ مِنَ الدُّنيا شيئاً إلاَّ نقص من درجاته عند الله، وإنْ كان عليه كريمًا)! ". ا.هـ (2)


¡ وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ في سياق شرحه لأثر أنس بن مالك رضي الله عنه: (لَمْ يَأْكُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ حَتَّى مَاتَ! وَمَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ)!:

"وَحَاصِله أَنَّ الْخَبَر لاَ يَدُلّ عَلَى تَفْضِيل الْفَقْر عَلَى الْغِنَى؛ بَلْ يَدُلّ عَلَى فَضْل الْقَنَاعَة وَالْكَفَاف، وَعَدَم التَّبَسُّط فِي مَلاَذّ الدُّنْيَا، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث اِبْن عُمَر:

(لاَ يُصِيب عَبْدٌ مِنْ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلاَّ نَقَصَ مِنْ دَرَجَاته، وَإِنْ كَانَ عِنْد اللَّه كَرِيمًا)..." ا.هـ (3)


¡ وذكر ابن بطّال ـ رحمه الله ـ خلال شرحه لصحيح البخاريّ:

"وترْكُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الأكلَ على الخِوَانِ، وأكْلِ المرَقَّقِ؛ فإنَّمَا فَعَلَ ذلكَ كأنَّهُ رفْعُ الطَّيِّباتِ للحيَاةِ الدَّائِمَةِ فى الآخِرَةِ، ولمْ يرْضَ أنْ يَسْتَعْجِلَ فى الدُّنْيَا الفَانِيَةِ شيئًا منْهَا أَخْذًا منْهُ بأفْضَلِ الدَّارَينِ! وكانَ قَدْ خَيَّرَهُ اللهُ بينَ أنْ يكونَ نبيًّا عبدًا، أو نبيًّا ملِكًا؛ فأختارَ عبدًا؛ فلزِمَه أنْ يفِيَ اللهَ بما اختارَهُ، والمالُ إنَّما يُرْغَبُ فيهِ مع مقَارَنَةِ الدِّينِ لِيُسْتَعَانَ بِِهِ علَى الآخِرَةِ، والنَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قدْ غُفِرَ لَهُ ما تقَدَّمَ من ذنْبِهِ وما تَأَخَّرَ؛ فلَمْ يُحْتَجْ إلى المالِ منْ هذِهِ الوُجُوهِ، وكانَ قَدْ ضَمِنَ اللهُ لهُ رزقَهُ بقولِهِ: {نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].". ا.هـ

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(1) قال عنه المنذريّ: "رواه ابن أبي الدّنيا، وإسناده جيّد، وروي عن عائشة مرفوعًا، والموقوف أصحّ"، وصحّحه الوالد ـ رحمهم الله أجمعين ـ؛ انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"؛ رقم الحديث: (3220).

(2) في كتابه: "جامع العلوم والحكم"؛ في سياق شرحه للحديث ـ الصّحيح ـ: ((ازهد في الدُّنيا يحبُّكَ اللهُ، وازْهدْ فيمَا في أيدِي النّاسِ يُحبُّكَ النّاسُ)).

(3) "صحيح البخاري"؛ كتاب الرّقاق/ باب فضل الفقر/ رقم الحديث: (5386).


السّبت/ 5/ محرّم/ 1432هـ

ممّا يُعاقَبُ عَليْهِ العبدُ في قبْرِهِ!



عن ابن مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ؛ عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم؛ أنّهُ قالَ:


((أُمِرَ بعبدٍ من عبادِ اللهِ أنْ يُضْرَبَ في قَبْرِهِ مائةَ جَلْدَةٍ!


فلَمْ يَزَلْ يَسْأَلْ ويدْعُو حتَّى صارتْ جَلْدَةً واحدَةً؛


فجُلِدَ جَلْدةً واحدةً؛ فامتلأَ قبرُهُ عليْهِ نارًا!


فلمّا ارتفعَ عنْهُ وأفَاقَ؛ قَالَ: علَى ما جلدتُّمُوني؟!


قالُوا: إنَّكَ صَلَّيتَ صَلاةً واحدةً بغيرِ طَهُورٍ!


ومررْتَ علَى مظلومٍ فلَمْ تَنْصُرْهُ))!.



"سلسلة الأحاديث الصّحيحة"؛ رقم الحديث: (2774).



الأربعاء/2/محرّم/ 1432هـ


بسم الله الرّحمن الرّحيم


أدنى أهل الجنّة منزلة

وأدنى أهل النّار عذابًا!

يبيّنها هذا الحديث الشّريف:

قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم:

(إنّ أدنَى أهلِ الجنَّةِ منزلةً: رجلٌ صرفَ اللهُ وجهَه عن

النارِ قِبَل الجنةِ، ومثّل له شجرةً ذاتَ ظلٍّ؛ فقالَ:

أيْ ربِّ! قدِّمْني إلى هذه الشّجرةِ؛ فأكونَ في ظلِّها!

فقال اللهُ:

هل عسيتَ إن فعلتُ أن تسألني غيرها؟

قال:

لا وعزَّتِكَ!

فقدَّمه اللهُ إليها، ومثّل له شجرةً ذاتَ ظلٍّ وثَمرٍ؛

فقال:

أيْ ربِّ! قدّمني إلى هذِه الشجرةِ؛ أكونُ في ظلّها، وآكلُ من ثَمَرها!

فقال اللهُ له:

هل عسيْتَ إن أعطيتُكَ ذلكَ أن تسأَلني غيرَه؟

فيقولُ: لا وعزَّتِكَ!

فيقدِّمه اللهُ إليها؛ فتُمثّل له شجرةٌ أخرى ذات ظلٍّ وثمرٍ وماءٍ؛ فيقولُ:

أيْ ربّ! قدّمني إلى هذه الشّجرةِ؛ أكونُ في ظلّها، وآكلُ من ثمرها، وأشربُ من مائها! فيقولُ له:

هل عسيتَ إن فعلتُ أن تسأَلني غيرَه؟

فيقولُ:

لا و عزَّتك! لا أسأَلكَ غيرَه!

فيقدِّمه اللهُ إليها؛ فيبرز له بابُ الجنّةِ؛ فيقولُ:

أيْ ربِّ! قدّمني إلى بابِ الجنّة؛ فأكونَ تحتَ نجافِ الجنّة، وأَنظرَ إلى أهلها!

فيقدّمه اللهُ إليها؛ فيرَى أهلَ الجنّةِ وما فيها؛ فيقولُ:

أيْ ربِّ! أدْخِلني الجنّةَ!

قال:

فيدخلُه اللهُ الجنّةَ!

قال:

فإذا دخلَ الجنّةَ؛ قال: هذا لي؟!

قال: فيقولُ الله عزّ وجلّ له: تمنَّ !

فيتمنَّى، ويذكِّره اللهُ: سلْ من كذا وكذا؛ حتّى إذا انقطعتْ به

الأمانيُّ؛ قال اللهُ عزّ وجلّ:

هوَ لكَ، وعشَرةُ أمثالهِ!

قال:

ثمّ يدخلُ الجنّةَ، يدخلُ عليه زوجتَاه من الحورِ العين؛ فيقولانِ له:

الحمْدُ لله الذي أَحياكَ لنا، وأحيانَا لكَ!

فيقولُ: ما أُعطِيَ أحدٌ مثْلَ ما أُعطيتُ!

قال:

وأَدنى أهلِ النّار عذَابًا؛ يُنْعَلُ من نارٍ بنعلينِ؛ يغْلي دماغُه

من حرارةِ نعْلَيه))!

.........................................

أخرجه مسلم، وأبو عوانة، وأحمد ـ والسياق لأحمد ـ كلّهم عن النّعمان بن أبي العيّاش؛ عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:..فذكره. انظر: "سلسلة الأحاديث الصّحيحة"؛ رقم الحديث: (3503).


الإثنين/23/ ذو الحجّة/ 1431هـ

الاستغفارُ عُقيب الطّاعاتِ!


من كلامِ ابنِ القيّمِ


ـ رحمَهُ اللهُ تعالى ـ


بسم الله الرّحمن الرّحيم



قال ابن القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ: (1)

"وأرباب العزائم والبصائر أشدّ ما يكونون استغفارًا عُقَيْب الطّاعات! لشهودهم:

تقصيرهم فيها!

وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه!

وأنّه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبوديّة، ولا رضيها لسيده!

وقد أمر الله تعالى وفده، وحجّاج بيته بأن يستغفروه عُقَيب إفاضتهم من عرفات؛ وهو أجلّ المواقف وأفضلها؛ فقال:

{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}

{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

[البقرة: 198ـ199]


وقال تعالى:

{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}

[آل عمران: 17]


قال الحسن:

"مَدُّوا الصّلاة إلى السّحر، ثمّ جلسوا يستغفرون الله عزّ وجلّ". (2)

وفي الصّحيح:

أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سلّم من الصّلاةِ استغفرَ ثلاثًا، ثمّ قال:

((اللهمََّ أنت السّلامُ ومنكَ السلامُ؛ تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ)). (3)

وأمره الله تعالى بـ (الاستغفار) بعد أداء الرسالة، والقيام بما عليه من أعبائها، وقضاء فرض الحجّ، واقتراب أجله؛ فقال في آخر سورة أنزلت عليه:

{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}

{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا}

{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}.".

[النّصر: 1ـ3]

ا.هـ

.....................................

(1) في كتابه: مدارج السّالكين/ منزلة: المحاسبة.

(2) وفي تفسير الطّبري: حدّثنا ابن حُميد؛ قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن؛ قال: "مدّوا في الصّلاة ونشطوا؛ حتّى كان الاستغفار بسحر".

(3) عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلاَتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلاَثًا وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).

انظر: صحيح مسلم/ كتاب المساجد ومواضع الصّلاة/ باب استحباب الذّكر بعد الصّلاة وبيان صفته، رقم الحديث: 591.


الإثنين/ 15/ ذو الحجّة / 1431هـ.

هل يجوز الجمع بين الأُضحية والعقيقة؟

هل يجوز الجمع بين الأُضحية والعقيقة؟

للإمام الألبانيّ ـ رحمه الله تعالى ـ



سؤال:

إنسانٌ لم يتمكن من أن يَعُقَّ عن أبنائه ـ إذا كان ذكرًا أو أنثى ـ وجاءَ عيدُ الأضحى، وَضَحَّى بالأُضحيةِ، وضمَّ نيّةَ (العقيقةِ) مع (الأُضحيةِ)؛ هلْ يجوزُ ذلكَ؟ جزاكَ اللهُ خيرًا.

جواب الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ:

"إذا أردتُّ أن أُجيبَكَ باختصارٍ؛ فالجوابُ: لا يجوزُ!

وتفصيلُهُ: يختلفُ باختلافِ رأيِ العلماءِ:

مَنْ كانَ يرى أنَّ العقيقةَ (سُنّةٌ)، والأُضحيةُ (سنّةٌ)؛ فعلى التّفصيلِ الّذي ذكرْنَاهُ في صيامِ ستٍّ مِنْ شوّال

أي: ضحَّى ونوى (العقيقةَ)؛ يُكتبُ له أجر: (أُضحية) زائد: نيّة (العقيقة)؛ هذا بالنّسبة لمن يرى أنّ كلاًّ من الأُضحية والعقيقة (سُنّة).

أمّا مَنْ يرى ـ مثلي أنا ـ أنَّ كلاًّ من الأُضحية والعقيقة (واجبة)؛ فلا يُغني واجبٌ عن واجب؛ فلابدّ من أن يعقَّ، ولابدَّ من أنْ يُضحّي، وبهذا القدر كفاية.". ا.هـ *

.....................................................

* لم أتمكّن من إرفاق الملفّ الصّوتيّ.


الأربعاء/ 11/ ذو الحجّة / 1431هـ.

فضلُ صيامِ يومِ عَرَفة

فضلُ صيامِ يومِ عَرَفة


بسم الله، والحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ أمّا بعد:

فهذه بعض رواياتٍ؛ وردتْ في فضل صيام (يوم عرفة)؛ ممّا فيه سلوى لمن لم يُكتب له الحجّ!

فالحمد لله على كلّ حال...


عن أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه؛ أَنَّ رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ؛ قَالَ:

((صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)).

صحيح مسلم/ كتاب الصّيام/ باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، رقم الحديث: (1162).


وفي رواية أخرى ـ عنه رضي الله عنه ـ؛ أنّه عليه الصّلاةُ والسّلامُ:

سُئِلَ عَنْ صَومِ يَومِ عَرَفَة؟ فقال:

((يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيةَ)).

صحيح مسلم/ كتاب الصّيام/ باب استحباب صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر وصوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس. رقم الحديث: (1162).

عن سهل بن سعد رضي الله عنه؛ قال:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ:

((مَنْ صَامَ يَومَ عَرَفَةٍ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُ سَنَتَينِ مُتَتَابِعَتَينِ)).

رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصّحيح. انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"؛ رقم الحديث: (1012)


وعن سَعِيدَ بن جُبَيْرٍ رضِيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ:

سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ بن عُمَرَ عَنْ صَوْمِ (يَوْمِ عَرَفَةَ)؟ فَقَالَ:

(كُنَّا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ نَعْدِلُهُ بِصَوْمِ سَنَتَيْنِ).

رواه الطّبرانيّ في" الأوسط" بإسناد حسن. وقال عنه الوالد ـ رحمه الله ـ: حسن لغيره". انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"، رقم الحديث: (1014).

8/ ذو الحجّة/ 1431هـ

ممّا وردَ في التّرغيبِ في (الحجِّ)

ممّا وردَ في التّرغيبِ في (الحجِّ)



بسم الله الرّحمن الرّحيم


الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ أمّا بعد:


فالحمد لله الّذي سنّ لعباده فرائض؛ ينطرحون فيها ذلاًّ وعبوديّةً لخالقهِمْ!


ويطرحُونَ ـ فيها ـ عن أنفسهم أثقالَ أوزارهِمْ!


ومن تلكمُ الفرائض: فريضة (الحجّ)...


هذه الفريضة الّتي فيها من (المناسك) ما تقشعرّ منه الجلود!


ومن (الأجورِ) ما يعجز العبد عن شكر ربّه الشّكور!


فمع تلك المناسك؛ وما يتبعها من أجور؛ سنمضي في قراءة الحديث التّالي؛ سائلة الله عزّ وجلّ


أن يمنّ على حجّاج بيته بالقبول.



عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما؛ قالَ:


كنتُ جالسًا مع النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؛ في مسجدِ مِنى؛ فأتاهُ رجلٌ من الأنصارِ، ورجلٌ من ثقيف؛ فسلّمَا، ثمّ قالا:


يا رسولَ اللهِ! جئْنَا نسألُكَ!


فقالَ:


((إن شئْتُمَا أخبرْتُكُمَا بما جئْتُمَا تسألاَنِي عنه فعلْتُ، وإن شئْتُمَا أن أمسِكَ وتسألاني؛ فعلتُ))


فقالا: أخبِرْنا يا رسولَ اللهِ!


فقالَ الثّقفيُّ للأنصاريِّ: سلْ!


فقالَ: أخبرْنِي يا رسولَ اللهِ!


فقالَ:


((جئتَنِي تسألُنِي عن مخرَجِكَ من بيتِكَ تؤمُّ البيتَ الحرامَ، وما لكَ فيهِْ؟


وعن ركعتيكَ بعد الطّوافِ، وما لكَ فيهِمَا؟


وعن طوافكِ بين الصّفا والمروةِ، وما لكَ فيْهِ؟


وعن وقوفكَ عشيّةَ عرفة، وما لكَ فيْهِ؟


وعن رميكَ الجمارَ، وما لكَ فيْهِ؟


وعن نحرِكَ، وما لك فيه، معَ الإفاضَةِ؟))


فقال: والّذي بعثَكَ بالحقِّ! لَعَنْ هذا جئتُ أسألُكَ!


قال:


((فإنّكَ إذا خرجْتَ من بيتِكَ تؤُمُّ البيتَ الحرامَ؛ لا تضعْ ناقتُكَ خُفًّا ولا ترفعه؛ إلاَّ كتبَ [الله] لكَ به حسنة! ومحا عنكَ خطيئة!


وأمّا ركعتاكَ بعد الطَّوافِ؛ كعتْقِ رقبة من بني إسماعيلَ عليهِ السّلام!


وأمّا طوافًكَ بالصّفا والمروة؛ كعتق سبعين رقبة!


وأمّا وقوفُكَ عشيّةَ عرفة؛ فإنَّ اللهَ يهبِطُ إلى سماءِ الدُّنيا؛ فيباهِي بكُمُ الملائكةَ!


يقول: عبادِي جاؤُوني شُعْثًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ؛ يرجونَ جنّتِي!


فلو كانتْ ذنوبُكُمْ كعدَدِ الرَّمْلِ، أو كقَطْرِ المطَرِ، أو كزَبَدِ البَحْرِ؛ لغفَرْتُها!


أفيضُوا عبادِي مغفورًا لكُمْ، ولمنْ شفعتُمْ لَهُ!


وأمّا رميُكَ الجمارَ؛ فلكَ بكُلِّ حصَاةٍ رميْتَهَا تكفيرُ كبيرةٍ من الموبقاتِ!


وأمّا نحرُكَ؛ فمذْخُورٌ لكَ عندَ ربِّكَ!


وأمّا حِلاقُكَ رأسَكَ؛ فلَكَ بكُلِّ شعرْةٍ حلَقْتَهَا حسنةٌ، وتُمْحَى عنْكَ بها خطيئةٌ!


وأمّا طوافُكَ بالبيْتِ بعْدَ ذلكَ؛ فإنَّكَ تطوفُ ولا ذَنْبَ لكَ!


يأتِي ملَكٌ حتّى يضَعَ يدَيْهِ بيْنَ كتِفَيْكَ؛ فيقول:


اعمَلْ فيمَا تَستقْبِلُ؛ فقَدْ غُفِرَ لَكَ ما مَضَى))! *


................................................................


نسأل الله من فضله...


*حديث حسن لغيره. انظر: "صحيح التّرغيب والتّرهيب"؛ رقم الحديث: 1112.



الأحد/1/ ذو الحجّة/1431هـ


جملةٌ (قرآنيّةٌ) فيها مجموعُ أحكامِ المساجدِ!

جملةٌ (قرآنيّةٌ)


فيها مجموعُ أحكامِ المساجدِ!



بسم الله الرّحمن الرّحيم


قال ربّنا تبارك وتعالى في سورة (النّور):


{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} (36)


وذكر العلاّمة السّعديّ ـ رحمه الله ـ في تفسيره:


"أي: يُتعبّد لله {فِي بُيُوتٍ} عظيمة فاضلة، هي أحبّ البقاع إليه؛ وهي: (المساجد)


{أَذِنَ اللهُ} أي: أمر ووصّى {أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}: هذان: (مجموع أحكام المساجد)!


1ـ {أَنْ تُرْفَعَ}:


فيدخل في رفعها:


بناؤها


وكنسها


وتنظيفها من النّجاسة والأذى


وصونها من المجانين والصّبيان الّذين لا يتحرّزون عن النّجاسة


وعن الكافر


وأن تصان عن: اللّغو فيها، ورفع الأصوات بغير ذكر الله!


2ـ {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}:


يدخل في ذلك:


الصّلاة كلّها: فرضها، ونفلها


وقراءة القرآن


والتّسبيح، والتّهليل، وغيره من أنواع الذّكر


وتعلّم العلم وتعليمه


والمذاكرة فيها


والاعتكاف


وغير ذلك من العبادات التي تُفعل في (المساجد)!


ولهذا؛ كانت عمارة (المساجد) على قسمين:


أ) عمارةُ: بنيان، وصيانة لها


ب) وعمارةٌ بذكر اسم الله، من الصّلاة وغيرها، وهذا أشرف القِسمين"....ا.هـ *


......................................................................


*نقلته ـ بتصرّف يسير ـ من تفسير: "تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنّان".

السبت/ 21/ ذو القعدة/ 1431هـ

شبهة: [الحجُّ ليسَ من (سبيلِ اللهِ) الّذي تُصرف فيه الزّكاة] وردّ الإمام الألبانيّ عليها

شبهة:

[الحجُّ ليسَ من (سبيلِ اللهِ) الّذي تُصرف فيه الزّكاة]

وردّ الإمام الألبانيّ عليها



بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله؛ أمّا بعد:

فقد قال ربّنا تبارك وتعالى في سورة (التّوبة):

{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (60)


و لقد اعتبر بعضهم أنّ:

[ ::الحجّ ليس من (سبيل الله) الّتي تُصرف فيها الزّكاة::.

• فردّ الوالد ـ رحمه الله تعالى ـ بقوله:

قلت: بلى؛ هو من (سبيل الله) بنصّ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم!

• واستدلّ الوالد رحمه الله ـ ونحن والحمد لله أمّة الدّليل ـ على ردّه بـ:

أـ بقوله عليه الصّلاة والسّلام الآتي في الرّواية التّالية:

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ؛ رَضيَ اللهُ عَنْهُ:

أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْحَجَّ)؛ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا:

أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمَلِكَ! فَقَالَ:

مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ!

قَالَتْ: أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ!

قَالَ: ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ!

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

إِنَّ امْرَأَتِي تَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا سَأَلَتْنِي (الْحَجَّ مَعَكَ)؛ قَالَتْ:

أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛

فَقُلْتُ: مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ؛ فَقَالَتْ:

أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ؛ فَقُلْتُ: ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ!

فَقَالَ:

((أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))... الحديث.

أخرجه أبو داود بسند حسن.

ب ـ كما استدّل بأقوال السّلف ـ رحمهم الله أجمعين ـ:

فأورد قول الحافظ (ابن كثير) في تفسير الآية المشار إليها:

"وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق: (الحجّ من سبيل الله)؛ للحديث" يريد هذا.

وهو اختيار شيخ الإسلام (ابن تيمية)؛حيث قال في: " الاختيارات العلميّة":

"ومن لم يحجّ حجّة الإسلام وهو فقير؛ أُعطي ما يَحُجُّ به؛ وهو إحدى الرّوايتين عن أحمد"

وما رواه أبو عبيد في "الأموال"؛ عن ابن عمر رضي الله عنه؛ أنّه:

"سُئل عن امرأة أوصتْ بثلاثين درهمًا في (سبيل الله)؛ فقيل له : أتُجعل في (الحجّ)؟ فقال:

أمَا إنّه في (سبيل الله) .

وإسناده صحيح؛ كما قال الحافظ في "الفتح"

وما رواه أبو عبيد ـ بسند صحيح ـ عن ابن عباس:

" أنّه كان لا يرى بأسًا أن يُعطي الرّجل من (زكاة ماله) في (الحجّ) وأن يعتق الرّقبة" ا.هـ *

هذا والله تعالى أعلم.

وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وسلّم.

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

* اختصرته ورتّبته مع شيء من التّصرّف كوضع العناوين؛ وذلك لترسخ المسألة في أذهاننا.

ومن أراده كاملاً ؛ فليرجع إلى الأصل؛ وهو تعليق والدي ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه "تمام المنّة" على فقرة [وفي سبيل الله: والحجّ ليس من سبيل الله الّتي تُصرف فيها الزّكاة] والواردة في كتاب: <فقه السّنّة>.

الخميس/13/ ذو القعدة/ 1431هـ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

اعتقاد أهل (السّنّة) في (الصَّحابَةِ)

ـ رضوانُ اللهِ عليهِمْ أجمعين ـ

ممّا ورد في بعضِ (المنظوماتِ)



[المنظومة الحائيّة في السّنّة]

لأبي بكر بن أبي داوود السّجستاني ـ رحمه الله ـ

وَقُـلْ إنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْـدَ مُحَمَّـدٍ..........وَزِيـراهُ قُدْمًا؛ ثُمَّ عُثْمَانُ أرْجَـحُ

وَرابِعُهُـم خَـيْرُ البريَّـةِ بَعْـدَهُـم.......... عَلِـيٌّ حَليفُ الخَـيرِ؛ بالخَيرِ مُنْجِحُ


وإنَّهمُ الرَّهْطُ لا رَيْــبَ فِيْهِــمُ...........عَلَى نُجُبِ الفِرْدَوْسِ في الخُلْدِ تَسْرَحُ


سَعِيدٌ وسَعْـدٌ وابنُ عَـوْفٍ وطَلْحـةٌ...........وعَامِرُ فِهْــرٍ والزُّبَيْـرُ المُمَـدَّحُ


وَ(عَائِـشُ) أُمِّ الْمُـؤْمِنِينَ وَخَـالُنا............ مُعَـاوِيَة أَكْـرِمْ بِهِ فَهْـوَ مُصـلحُ


وَأَنْصارُه وَالهَـاجِرونَ دِيـارَهـم..............بنصرهُـمُ عَنْ ظلـمةِ النَّارِ زحزحُوا


وَمَنْ بعدَهُم وَالتـّابِعُون بِحُسنِ مَا..............حَذو حَذوهم قَولاً وَفِعلاً فَأفْـلـحوا


وَقُلْ خَـيْرَ قولٍ في الصَّحَابةِ كُلِّهِمْ.............ولا تَــكُ طَعَّاناً تَعِيْـبُ وَتَجْـرَحُ!


فَقَدْ نَطَقَ الوَحْيُ المُبينُ بِفَضْلِهِــمْ............وفي (الفَتْحِ) آيٌ في الصَّحابةِ تَمْـدَحُ




[المنظومة الدَّاليَّة في السُّنَّة]

لأبي الخطابْ الكلوَذاني ـ رحمه الله ـ


قَالـوا: فَمَـن بَعْد النَّبي خَلِيفـةً؟..........قلتُ: الموحِّد قبل كل مُوَحِّدِ


حَامِيه في يَوم العَرِيش وَمَـْن لَـه...........في الغار يُسْعِدُ يا له من مُسْعِدِ


خَيْـرُ الصَّحَابةِ والقَرَابةِ كـلهِم............ذاك المؤيِّدُ قبل كـلِّ مؤَيِّـدِ


قَالوا: فمن صدّيق أحمد؟ قلتُ: من..........تصديقُهُ بين الوَرى لم يُجْحَد


قَالوا: فَمَن تالي أَبِي بكر الرِّضا؟...........قلتُ: الإمارة في الإمامِ الأزْهَدِ


فـاروق أحمـد والمُهَـذِّبُ بَعْدَه........نَصَر الشَّرِيعَـة بِاللسـان وَباليَدِ


قَالوا: فثالثهم؟ فقلتُ مسارِعًا............مـن بايَعَ المخـتار عَنْه باليْـدِ


صهْر النَّبي عَلَى ابنَتَيه وَمَنْ حَوى..........فضلين: فضْلَ تـلاوَةٍ وتهـجُّد


أعني: ابن عَفّان الشّهيد وَمَن دُعِي..........في النّاسِ ذو النّورين صِهْرُ مُحَمَّدِ


قَالوا: فرابعهم؟ فقلتُ مُبَادِرًا:..............مَنْ حَاز دونهم أخُـوَّةَ أَحمـدِ


زوجُ البتولِ وخيرُ مَنْ وَطِئ الحَصى........ بَعْدَ الثّـلاثة والكـريم المحْتِـدِ


أعني: أبا الحسَنِ الإمامَ وَمَـْن لَـه.........بَيْنَ الأَنـام فضائل لم تُجْحَد


وَلابن هندٍ في الفـؤادِ محَبَّـةٌ............وَمَـوَدَّةٌ فلـيرْغَمَنّ مُفَنِّـدِي


ذاكَ الأمينُ المجتبى لكتابة الـ............ ـوحي المنزّل, ذو التُّقى والسُؤدَد


ولعمّ سيدنا النَّبي مـناقِـبٌ......لَـو عُدِّدتْ لم تنحَصِرْ بتَعَـدُّدِ


أَعْنِي أَبا الفَضْل الَّذِي استَسْقَى به.....عمرُ أوان الجَدْب بيـن الشُهَّـدِ


ذاك الهُمامُ أبوالخلائفِ كلِّهم.......نَسَقًـا إلى المستظهرِ بن المقتـدي


صلّى عليه الله ماهَبَّت صَبَـًا.......وَعَلـى بنيـه الـرَّاكعين السُّجَّدِ


وَأَدَام دولتهم عَلَيْنا سَرمدًا...........ما حَنّ في الأسحـار كُلُّ مُغَرِّد


فعلَيْهِمُ وَعَلى (الصَّحَابةِ كلِّهِم).......صلـواتُ ربهم تروح وتغتـدِي


إني لأرجو أن أفوزَ بحبِّهـم........وَبِمَا اعتقدتُ من الشّريعةِ في غَدِ




[اللاّميّة]

لابن تيمية ـ رحمه الله ـ


يَا سَائِـلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقِيدَتِي.........رُزِقَ الهُدَى مَنْ لِلْـهِدَايَةِ يَسْأَلُ


اسْمَعْ كَـلامَ مُحَقِّقٍ فِي قَولِه.........لاَ يَنْثَـنِي عَنْـهُ وَلاَ يَتَبَـدَّلُ


حُبُّ (الصَّحابَةِ) كلِّهِمْ لِي مَذْهَبٌ .......وَمَوَدَّةُ القُـرْبَى بِهَـا أَتَـوَسّلُ


وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ عَـلاَ وَفَضَـائلٌ.........لكِنَّمَا (الصِّدِّيقُ) مِنْهُمْ أَفْـضَلُ



[الكافية الشّافية]

لابن القيّم ـ رحمه الله ـ


يا قـوم واللهِ العظيمِ أسأتمُ............بأئمة الإسلام ظنّ الشّـاني


ما ذنبهم ونبيّهم قد قالَ ما............قالوا كذاك منزل الفـرقانِ


ما الذّنب إلا النّصوص لديكم........إذ جسمت بل شبهت صنفانِ


ما ذنبُ من قد قالَ ما نطقتْ بِهِ .......من غيرِ تحريفٍ ولا عدوانِ


هذا كمَا قالَ الخبيثُ لصحبه.......كلب الرّوافض أخبث الحيوانِ


لما أفاضوا في حديث الرّفضِ........عندَ القبرِ لا تخشَونَ من إنسانِ


يا قوم أصلُ بلائكم ومصابكم ......من صاحب القبر الذي تريان


كم قدم ابن أبي قحافة بل غَدَا.........يثنى عليه ثناءَ ذي شكرانِ


ويقولُ في مرضِ الوفاةِ: يؤمُّكم ........عني: (أبو بكر) بلا رَوَغَانِ


ويظلُّ يمنع من إمـامةِ غـيرِهِ..........حتَّى يرى في صورة ميلانِ


ويقول لو كنتُ الخليل لواحد........ في النّاس كان هو الخليل الدّاني


لكنّه الأخ والرّفيق وصاحبي........... وله علينا منة الإحسـانِ


ويقولُ للصّديق يوم الغار لا...........تحزنْ فنحن ثلاثةٌ لا اثنـانِ


اللهُ ثالثنا، وتلك فضـيلةٌ.............ما حازَهَا إلاّ فتى عثمـانِ



[وله ـ رحمه الله ـ في: إغاثة اللّهفان]


يا باغيَ الإحسانِ يطلبُ ربَّـهُ...........لـيفوزَ منْهُ بغـايةِ الآمـالِ


انظرْ إلى هدْيِ (الصّحابةِ) والّذي..........كانوا عليْهِ في الـزَّمانِ الخاَلي


واسلكْ طريقَ القومِ أينَ تيمَّمُوا..........خُذْ يمنةً ما الدَّربُ ذاتُ شمالِ


تاللهِ ما اختارُوا لأنفسهِمْ سوَى..........سبُلَ الهدَى في القولِ والأفعالِ!


درجُوا على نهجِ الرَسولِ وهديِهِ..........وبه اقتدَوا في سائِرِ الأحْـوالِ!


نِعْمَ الرّفيقُ لطالبٍ يبغِي الهُدَى............فمآلُهُ في الحشرِ خيـرُ مـآلِ


القـانتينَ المخبتينَ لربّهِـمْ..............النّـاطقينَ بأصدقِ الأقـوالِ!


التّاركينَ لكلّ فعـلٍ سيِّءٍ...............والعاملينَ بأحسنِ الأعمـالِ!


أهواؤُهُمْ تبعٌ لدين نبيِّهِـمْ...............وسواهُمُ بالضّدِّ في ذي الحالِ!


ما شابَهُمْ في دينهِمْ نقصٌ ولاَ............في قولهِمْ شطحُ الجهولِ الغالِي!


عمِلوا بما علِموا ولم يتكلّفوا..............فلذاكَ ما شابُوا الهدَى بضلالِ!


وسواهُمُ بالضدِّ في الأمرينِ قدْ..........تركُوا الهدَى ودعَوا إلى الإضلالِ!


فهُمُ الأدِلَّةُ للحيارَى؛ مَنْ يَسِرْ..........بهداهُمُ لم يخـشَ مِنْ إضـلالِ


وهمُ النُّجومُ هدايةً وإضـاءةً...........وعـلوّ منزلة وبُعـْد مـنالِ





[الدّرّة المضيّة في عقد الفرق المرضيّة]

للإمام السّفاريني ـ رحمه الله ـ


ولـيسَ في الأمّـة بالتّـحقيقِ..............في الفضلِ والمعروفِ كالصّديقِ


وبعدَهُ الفـاروقُ من غيرِ افترَا...............وبعدَهُ عثمانُ فـاتْرُكِ المـِرَا


وبعدُ فالفضلُ حقيقًا فاسمعِ.............نظـامِي هذا للبـطينِ الأنـزعِ


مجدلُ الأبطالِ ماضي العزمِ.............مفرج الأوجـالِ وافي الحـزمِ **


وافي النّدَى مبدِي الهدَى مردِي العِدَا........مجلي الصدَا يا ويل من فيه اعتدَى


فحبُّهُ كحبِّهِمْ حتمًا وجـبْ.............ومنْ تعدَّى أوْ قَلَى فقـدْ كـذَبْ!


وبعدُ فالأفضلُ باقي العشرَة...............فأهلُ بدر ثمَّ أهـل ُالشـّجرَة


وقيلَ أهلُ أحد المقدمـة.................والأول أولى للنّصوص المحكمه


و(عائشةُ) في العلْمِ معْ (خديجَة)...............في السّبق فافهمْ نكتـة النّتيجـه!



وله ـ أيضًا ـ

[فصل في فضل الصّحابة جملة]


وليسَ في الأمـّةِ كالصّحـابَه..........في الفضْلِ والمعروفِ والإِصَابَه


فإنهُمْ قدْ شاهـدُوا المخـتارَا..........وعاينُوا الأسـرارَ والأنـوارَا


وجاهـدُوا في اللهِ حتّى بانـَا.........دينُ الهدَى وقدْ سـَمَا الأدْيانـَا


وقدْ أتَى في محـكمِ الـتّنزيلِ.........من فضلهِمْ ما يشـفِي للغـلِيلِ


وفي الأحـاديثِ وفي الآثـارِ.........وفي كـلامِ القـومِ والأشـعارِ


ما قدْ ربا من أن يحيطَ نظمِي..........عن بعضِهِ فاقنعْ وخذْ مـن علْمِ


واحذرْ من (الخوضِ) الّذِي قدْ يزرِي.......بفضلهِم ممّا جرَى لو تـدْرِي


فإنّه عن اجتهادٍ قـدْ صـدَرْ...........فأسلِمْ؛ أذلَّ اللهُ مَنْ لهمْ هجَـْر


وبعدَهُم فالتَّابعـونَ أحـرَى...........بالفضْلِ ثمَّ تابعوهُـمْ طـرًّا



[سلّم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله و اتّباع الرسول صلّى الله عليه وسلّم]

للشّيخ العلاّمة: حافظ بن أحمد الحكمي ـ رحمه الله ـ


وَبَعْدَهُ الْخَـلِيفَةُ الشَّفِيــقُ.........نِعْمَ نَقِيبُ الأُمَّةِ الصِّدِّيـقُ


ذَاكَ رَفِيقُ المُصْطَفَى في الْغَـارِ.........شَيْخُ الْمُهاجرينَ والأنْصَارِ


وهُوَ الَّذِي بِنَفْسِـهِ تَوَلَّــى .........جِهَادَ مَنْ عَنِ الْهُدَى تَولَّى


ثَاِنيه في الفَضْلِ بِلاَ ارْتيـاب ..........الصَّادِعُ النَّاطِقُ بِالصَّـوَابِ


أعني بِهِ الشَّهْمَ أبَا حَفْص عُمَرْ ........مَن ظَاهرَ الدّينَ القويمَ ونَصَر

الصَارِمُ الْمنكِي عَلَى الكُـفَّارِ.........وَمُوسِعُ الْفُتُوحَ في الأمْـصَارِ


ثَالِثُهُمْ عُثمانُ ذُو النُّورَيْـنِ ..............ذو الْحِلمِ والْحَيَا بِغَيْرِ مَيْنِ


بَحْرُ الْعلُومِ جَامِعُ الْقُـرْآنِ .............مِنْهُ اسْتَحَتْ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ!


بَايَعَ عَنْهُ سَيِّدُ الأَكــوَانِ .............بِكَفِّهِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْــوَانِ


والرَّابِعُ ابْنُ عَمِّ خَيْرِ الرُّسُلِ ............أعْنِي الإماَمَ الْحَقَّ ذا الْقَدْرِ الْعَلي


مُبِيدُ كُلِّ خَارِجيٍّ مَـاِرقِ ............. وَكُلِّ خِبٍّ رافِضِي فَاسِـقِ


مَن كَانَ للرَّسُولِ في مَكَانِ ..............هَارُونَ مِنْ مُوسَى بِلاَ نُكْرَان


لاَ في نُبوَّةٍ فَقَدْ قَدمْتُ مَـا ...........يَكْفَي لِمَنْ مِنْ سُوْءِ ظَنٍّ سَلِمَا


فَالسِّتَّةُ الْمَكَمِّلُونَ الْعَشـرَهْ ..........وَسَائِرُ الصَّحْبِ الكِرَامِ الْبَرَرَهْ


وأهْلُ بَيْتِ الْمُصْطَفَى الأطْهَاِر .......... وَتَابِعُوهُ السَّادَةُ الأَخيَــارُ


فَكُلُّهُمْ في مُحْكَمِ القُـرْآنِ ............ أَثنَى عَلَيْهمْ خَالِقُ الأكْوَانِ


في الفْتَحِ والْحَدِيدِ والْقِتَـالِ ...........وَغَيْرَهَا بِأكْمَلِ الْخِصـَالِ


كَذَاكَ في التَّوْرَاةِ والإنْجِيلِ .............صِفَـاتُهُمْ معلومةُ التّفصيلِ


وذكرُهم في سنَّة المختـارِ .............قَدْ سَارَ سَيْرَ الشَّمس في الأقْطَارِ


ثم (السُّكُوتُ) واجِبٌ عَما جَـرَى........بَيْنَهُـمْ مِنْ فِعْلِ مَا قَدْ قُدِّرَا


فَكُلُّهُمْ مُـجْتَهِدٌ مُثَــابُ ..............وَخَطَؤُهُمْ يَغْفِرُهُ الوَهَّـابُ


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


**قال العلاّمة العثيمين ـ رحمه الله ـ في شرحه للعقيدة السّفارينيّة:

"وقد يقول قائل ـ تعليقًا على قول المؤلّف ـ رحمه الله ـ في وصف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:

(مفرج الأوجال) و (مجلي الصدّا): أليس في هذا العموم غلوّ؟

والجواب: الحقيقة أنّ فيه شيئًا من الغلوّ؛ خصوصًا (مفرج الأوجال)، لكن يقال في الاعتذار عن المؤلّف ـ رحمه الله ـ:

إنّ هذا وصف إضافيّ؛ بمعنى: أنّه عندما يخاف النّاس يكون هو الّذي يزيل الخوف عنهم؛ لكن بأمر الله عزّ وجلّ؛ وإلاّ فإن التّفريج المطلق لا يكون إلا لله عزّ وجلّ.

أمّا (مجلي الصدّا) فكذلك أيضًا؛ يمكن أن يقال: إنّ فيه شيئًا من المبالغة؛ لكنّه ـ رحمه الله ـ إنّما أطنب في وصف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لأسباب سيأتي ذكرها إن شاء الله.". ا.هـ

تنبيه:

1ـ نقلتُ الأبيات حسب ما توفّر من النّسخ؛ فقد تختلف عند البعض من جهة زيادة بعض الأبيات، أو تغاير بعض الكلمات.

2ـ يُرجى العودة للشّروح لفهم الأبيات على الوجه الصّحيح، والوقوف على تعليقات الشّيوخ الأفاضل عليها.

الجمعة/ 7/ ذو القعدة/ 1431هـ